-->
توجيهات تربوية

جديد

توجيهات تربوية
توجيهات تربوية
جاري التحميل ...
توجيهات تربوية

مقالة فلسفية : الشعور



تـمـهـيـد:

كـلّ فـرد مـن أفـراد الإنـسـان يـتـمـتـع بـالـقـدرة عـلـى مـعـرفـة مـايـجـري فـي داخـلـه مـن حـوادث وحـالات نـفـسـيـة فـأنـت مـثـلا تـغـضـب وتـعـرف أنـك غـاضـب، وتـحـزن، وتـعـرف أنـك حـزيـن، وتـدفـعـك مـواقـف مـعـيـنـة إلـى تـذكـر مـاضـيـك، وتـتـعـرف فـي نـفـس الـوقـت أنـك فـي حـالـة تـذكـر، وهـكـذا مـع بـقـيـة الـحـالات الأخـرى وإذا رأيـت شـيـئـا مـا خـارج ذاتـك كـمـنـزل أو شـجـرة فـإنـك تـكـون لـه فـي ذهـنـك صـورة وتـسـتـطـيـع الـتّـعـرف إلـى هـذه الـصـورة حـتـى فـي غـيـاب الـشـيـئ الـذي تـشـيـر إلـيـه تـلـك الـصـورة.
وهـكـذا فـالإنـسـان مـنـا يـتـعـرف مـن جـهـة إلـى أشـيـاء وأحـداث مـوضـوعـيـة خـارجـيـة، ويـتـعـرف مـن جـهـة أخـرى إلـى أحـوال نـفـسـيـة داخـلـيـة، كـالـحـزن والـفـرح والـتـذكـر والـتـصـور... وهـذا الـتـعـرف الـثـانـي هـو الـذي نـسـمـيـه ( شـعـورا ) ولـذلـك نـسـتـطـيـع أن نـقـول أن الـشـعـور يـكـون ذاتـيـا ويـشـيـر إلـى الاطـلاع عـلـى الـحـالات الـنـفـسـيـة مـن تـذكـر وإدراك وانـفـعـالات...
ويـكـون مـوضـوعـيـا ويـشـيـر إلـى الاطـلاع عـلـى صـور الأشـيـاء الـخـارجـيـة لا إلـى الأشـيـاء ذاتـهـا كـمـعـرفـتـي لـصـورة الـشـجـرة أو صـورة الـمـنـزل فـي غـيـابـهـمـا عـن عـيـنـي.


1 - ضـبـط تـصـوّر الـشـعـور :

مـن الـتـمـهـيـد الـسـابـق نـسـتـطـيـع أن نـسـتـنـتـج أن الـشـعـور كـلـمـة تـطـلـق عـلـى : " مـجـمـوعـة الـعـمـلـيـات الـعـقـلـيـة أو الـحـالات الـنـفـسـيـة الـتـي يـعـيـهـا الـفـرد ويـسـتـطـيـع اسـتـرجـاعـهـا فـي لـحـظـة مـا " أو هـو :
" إدراك المرء لـداته أولأحوالـه وأفـعـالـه إدراكًـا مـبـاشـرًا وهـو أسـاس كـل معـرفة "
ويـجـب أن تـنـتـبـه إلـى أن الـشـعـور لايـخـتـلـف عـن الـحـالات الـشـعـوريـة مـثـل الـعـيـن الـتـي تـخـتـلـف مـثـلا عـن الـنـظـراء أو الأذن الـتـي تـخـتـلـف عـن الـسـمـع. فـالـشـعـور لا يـخـتـلـف عـن حـالاتـه  الـشـعـوريـة بـل هـو مـجـمـوع فـالـفـرح شـعـور، والـغـضـب شـعـور...

1 1- خـصـائـص الـشـعـور:
 لكـي تـفـهـم الـشـعـور أكـثـر أدرس خـصـائـصـه جـيّـدا وهـي :

أ - الـشـعـور شـخـصـي :
 لـيـس هـنـاك شـعـور مـطـلـق مـسـتـقـل عـن الـذات الـشـاعـرة، بـل هـو مـلازم لـهـا ولايـمـكـن الاطـلاع عـلـيـه إلاّ مـن طـرف صـاحـبـه، فـأنـا وحـدي، الـقـادر عـلـى مـعـرفـة مـا يـجـرى فـي نـفـسـي، مـن حـالات وحـوادث لا يـمـكـن لـغـيـري أن يـطـلـع عـلـيـهـا إلاّ إذا أعـلـمـتـه أنـا بـهـا، إذن فـأحـوالـي الـنـفـسـيـة شـخـصـيـة خـاصـة بـي ومـلازمـة لـذاتـي، الـشـاعـرة. ولـذلـك قـيـل : " الـشـعـور هـو دائـمـا شـعـور شـخـص مـعـيـن، أحـوالـه مـتـضـامـنــة وأجـزاؤه مـتـكـامـلـة فـي كـل هـو الأنـا الـشـخـصـي ".

ب - الـشـعـور اصـطـفـائـي :
 إنـنـا لانـأخـذ مـن الـعـالـم الـمـحـيـط بـنـا كـل مـا يـطـرحـه هـذا الـعـالـم  مـن مـواقـف وأشـيـاء  وحـوادث بـل نـخـتـار دائـمـا مـانـحـتـاج إلـيـه ويـتـمـاشـى مـع مـيـولـنـا واهـتـمـامـاتـنـا. فـالـفـلاح والـطـبـيـب والـمـعـلـم والـفـنـان والـعـالـم إذا لاحـظـوا مـوقـفـا مـّـا لا يـدركـونـه بـنـفـس الـكـيـفـيـة او اذا رأوا شـيـئـا مّـا لايـدركـونـه نـفـس الإدراك، فـمـا يـراه الـفـنـان فـي الـشـجـرة لايـراه الـحـطـاب ولا الـنـجـار، ومـا يـراه الـحـطـاب أو الـنـجـار أو الـفـنـان لا يـراه عـابـر الـسـبـيـل فـي الـحـرّ الـشـديـد. وهـكـذا فـالـشـعـور يـنـتـقـي، ويـتـجـلّـى فـي الـعـمـلـيـات الـذهـنـيـة الـعـلـيـا. وهـذا الانـتـقـاء هـو مصدر اختلاف الـناس فـي تـسـجـيـل انـطـبـاعـاتـهـم عـن الأشـيـاء والأشخاص.

جـ - الـشـعـور مـتـغـيـر :
 إن الـشـعـور دائـم الـتـغـيـر، فـي كـل لـحـظـة غـيـره فـي الـلـحـظـة الـسـابـقـة، ولـذلـك تـجـد أحـكـامـنـا تـخـتـلـف حـسـب الـظروف الـمـحـيـطـة بـنـا، وأحـوالـنـا تـنـتـقـل مـن الـحـزن إلـى الـسـرور إلـى الـغـضـب إلـى الـشـك...

د - الـشـعـور مـتـصـل وواحـد :
 ان تـغـيـر الـحـالات الـشـعـوريـة لا تـعـنـي ان الـشـعـور مـركـب مـن وحـدات مـنـفـصـلـة بـل هـو بـمـثـابـة سـلسـلـة مـتـصـلـة الـحـلـقـات، يـقـول ولـيـم جـيـمـس " الـشـعـور تـيـار مـتـواصـل ومـتـدفـق، بـاسـتـمـرار حـالاتـه الـسـابـقـة تـؤثـر فـي حـالاتـه الـحـاضـرة واتـصـال الـشـعـور مـتـواصـل حـتـى فـي حـالات الـنـوم بـدلـيـل أن الـنـائـم يـحـلـم ويـفـكـر فـي انـشـغـالاتـه ويـسـمـع مـن يـنـادونـه...
2 -  درجـات الـشـعـور :
 الـشـعـور بـنـوعـيـه أي، ( الـشـعـور بـالـمـوضـوع والـشـعـور بـالـذات ) لـيـس علـى درجـة واحـدة مـن الـوضـوح والـقـوة بـل هـو درجـات ثـلاث هـي :
أ - الـشـعـور الـتـأمـلّـي :
 ويـشـاربـه إلـى ذلـك الـشـعـور الـمـصـحـوب بـالـتـأمـل فـيـمـا تـنـطـوي عـلـيـه الـنـفـس مـن مـشـاعـر ورغـبـات وأفـكـار بـقـصـد إدراكـهـا بـوضـوح، فـهـو شـعـور مـصـحـوب بـالانـتـبـاه الـشـديـد لـلـمـوضـوع الـمـشـعـور بـه مـثـل شـعـور الـطـالـب بـمـوضـوع الامـتـحـان أثـنـاء الامـتـحـان، نـجـده يـراقـب أفـكـاره ويـرتـبـهـا ويـصـوغـهـا صـيـاغـة واعـيـة مـمـيـزا فـي ذلـك بـيـن ذاتـه الـمـفـكـرة وأحـوالـه الـشـعـوريـة الـتـي تـكـون مـادة تـفـكـيـره.
ب - هـامـش الـشـعـور :
 ويـشـار بـه إلـى شـعـورنـا بـالـمـوضـوعـات الـتـي يـكـون انـتـبـاهـنـا إلـيـهـا أقـل درجـة مـن الـوضـوح والـدقـة. فـالـحـالات الـنـفـسـيـة هـنـا تـظـهـر فـي الـشـعـور مـن غـيـر انـتـبـاه إلـيـهـا ولا اهـتـمـام بـهـا مـثـل شـعـور الـطـالـب يـوم الامـتـحـان بـحـركـات الأسـاتـذة الـحـراس وتـنـقـلاتـهـم أثـنـاء تـركـيـزه عـلـى الإجـابـة.
جـ - مـا تـحـت الـشـعـور :
ويـشـار بـه إلـى الـمـوضـوعـات الـتـي لا تـدخـل الـشـعـور بـشـكـل مبـاشـر، مـثـل تـلـك الـحـالات الـتـي تـنـتـابـنـا بـيـن الـيـقـضـة والنـوم.

اسـتـنـتاج :
إن الـشـعـور إذن لـيـس عـلـى درجـة واحـدة مـن الـوضـوح والـقـوة، بـل هـو يـخـتـلـف بـاخـتـلاف حـالاتـنـا الـنـفـسـيـة ودرجـة اهـتـمـامـنـا بـالـمـوضـوعـات والأشـيـاء والـمـواقـف. ونـلاحـظ هـنـا أن لـلـشـعـور ثـلاث  مـكـونـات أو عـنـاصـر أسـاسـيـة هـي : الإدراك أو الـمـعـرفـة كـإدراكـنـا بـجـمـال لـوحـة فـنـيـة مـثـلا :
الـوجـدان : وهـو إحـسـاسـنـا بـالارتـيـاح نـتـيـجـة إدراكـنـا لـذلـك الـجـمـال.
وأخـيـرًا الـنـزوع : وهـو رغـبـتـنـا فـي اقـتـنـاء تـلـك الـلـوحـة وشـرائـهـا.
الـنـفـسـيـة هـو غـيـر مـوجـود بـالـنـسـبـة إلـيـنـا.
لـكـن الـواقـع يـبّـيـن أن الـشـعـور لايـصـاحـب كـل الأفـعـال الـصـادرة عـنـا فهـو يـتـجـلـى تـبـعـًا لـقـانـون الـعـوائـق والـصـعـوبـات وقـانـون الاهـتـمـام.
هـذا ونـلاحـظ مـن جـهـة أخـرى أن  الـقـول بـأن الـشـعـور يـسـاوي الـنـفـس يـجـعـل مـن الـصـعـب تـمـامـا تـفـسـيـر تـلـك الـتـصـرفـات الـتـي نـقـوم بـهـا ولانـعـرف لـهـا أسـبـابـا مـثـل : الـنّـسـيـان، الأحـلام، الـكـره، الـحـب، بـدون أسـبـاب مـعـقـولـة... وهـكـذا يـبـدو أن بـعـض أفـعـالـنـا شـعـوريـة وبـعـضـهـا لاشـعـور.

3 – اكـتـشـاف الـلاشـعـور :

خـلـصـنـا فـيـمـا سـبـق إلـى أن الـشـعـور لايـصـاحـب جـمـيـع أفـعـالـنـا وتـصـرفـاتـنـا، فـالـنـاس كـثـيـرا، مـا يـنـتـحـلـون دوافـع لـسـلـوكـهـم غـيـر الـدوافـع الـحـقـيـقـيـة، فـكـم مـن أنـانـيّ لا يـشـعـر بـأنـا نـيـتـه، وكـم مـن بـخـيـل أو مـغـرور أو عـدوانـيّ لايـفـطـن، الـى بـخـلـه أوغـروره. أو عـدوانـيــتـه، وكـم مـن مـتـيّـم فـي الـحـب لايـشـعـر بـسـلـطـان الـحـب عـلـيـه فـمـا الـذي يـتـسـبـب فـي إحـداث هـذه الـسـلـوكـات مـادام الـشـعـور لـم يـتـسـبـب فـيـهـا ؟ إنـه الـلاّشـعـور؟!

فـمـا مـعـنـى الـلاّشـعـور ؟

الـلاّشـعـور كـلـمـة نـشـيـربـهـا إلـى مـجـمـوعـة الـحـوادث الـنـفـسـيـة الـتـي لانـشـعـر بـهـا وتـؤثـر فـي سـلـوكـنـا، كـالـذكـريـات الـمـنـسـيـة، والأحــــــلام، والـرغـبـات الـمـكـبـوتـة. ويـعـتـبـر الـفـيـلـسـوف الألـمـانـي ( لـيـبـنـتـز ) ( 1646 - 1716 ) أول مـن أكـد وجـود إدراكـات لاشـعـوريـة، واتـبـعـه فـي ذلـك فـلاسـفـة آخـروف أمـثـال : شـوبـنـهـاور، هـامـلـتـون... لـكـنـهـم بـرهـنـوا عـلـى وجـود هـذه الـحـالات الـلاشـعـوريـة بـرهـانـا عـقـلـيـا لـم يـصـمـد أمـام الـنـقـد بـسـبـب تـنـاقـض فـكـرة الـلاشـعـور مـع وجـود الـنـفـس الـمـسـتـنـد.


2 – الـنـظـرية الـتـقـلـيـدية والـشـعور :

الـّنـاس الـعـاديـون يـعـتـقـدون أن كـل مـايـجـري فـي نـفـوسـهـم قـابـل لـلـمـعـرفـة ونـفـس الـحـكـم نـجـده لـدى الـمـدارس الـتـقـلـيـديـة فـي عـلـم الـنـفـس الـمـدرسـة  الـربـطـيـة والـمـدرسـة الـوظـيـفـيـة والـمـدرسـة الـبـنـائـيـة ؟ يـعـتـقـد أصـحـاب هـذه الـمـدارس أن عـلـم الـنـفـس هـو عـلـم الـخـبـرة والـشـعـور وأن مـالا نـشـعـر بـه لـيـس مـن أنـفـسـنـا. فـلـيـس هـنـاك حـيـاة نـفـسـيـة خـارج الـروح كـمـا يـقـول ديـكـارت. وذهـب ( مـيـن دي بـيـران ) إلـى اعـتـبـار الـشـعـور شـرطـا لـكـل مـاسـواه مـن الـفـاعـلـيـات الـنـفـسـيـة.
وقـد ذهـب الـتـرابـطـيـون، فـي أبـحـاثـهـم الـنـفـسـيـة عـلـى تـحـلـيـل الـخـبـرة الـشـعـوريـة، وإرجـاع الـحـوادث الـنـفـسـيـة كـلـهـا إلـى فـكـرة الـتـرابـط الـتـي تـعـنـي أن الـحـوادث الـشـعـوريـة مـرتـبـطـة بـمـشـكـل يـجـعـلـهـا تـسـتـدعـي بـعـضـهـا الـبـعـض إمـا بـالـتـشـابـه، أو بـالاقـتـران، أو بـالـتّـضـاد.
أمـا الـمـدرسـة الـبِـنَـائـيـة - وهـي ألـمـانـيـة الأصـل - فـإنـهـا تـركـز عـلـى الإحـسـاس، وتـبـدأ فـي دراسـاتـهـا مـن خـبـرة الانـسـان الـشـعـوريـة مـحـاولـة كـشـفـهـا ومـعـرفـة تـكـويـنـهـا وتـركـيـبـهـا يـقـول فـونـت wondt 1920 م " إن عـلـى عـلـم الـنـفـس أن يـبـحـث مـا نـسـمـيـه بـالـخـبـرة الـداخـلـيـة، وأعـنـي بـهـا إحـسـاسـنـا الـخـاص، ومـشـاعـرنـا الـخـاصـة، أفـكـارنـا وعـزمـنـا. وذلـك تـمـيـيـزا لـهـا عـن الـخـبـرة الـخـارجـيـة الـتـي تـكـون مـوضـوع الـعـلـوم الـتـجـريـبـيـة."

مـنـاقــشــة :
 نـلاحـظ أن هـذه الـمـدارس كـلـهـا تـتـفـق فـي اعـتـبـار الـنـفـس والـشـعـور شـيـئـا واحـد، وأن مـالا نـشـعـر بـه مـن حـالاتـنـا لايـمـكـن رده الـى الـشـعـور. إذ كـيـف تـقـول عـن شـيـئ لاتـشـعـر بـه أنـه مـوجـود ؟ لـكـن لـجـوء عـلـم الـنـفـس فـي الـقـرن 19 إلـى االـتـجـريـب وتّـحـوّل عـلـمـاء الـنـفـس مـن دراسـة الـشـعـور إلـى دراسـة الـسّـلـوك، والـتـركـيـز عـلـى وحـدة الـحـادثـة الـنـفـسـيـة  ووحـدة الـشـخـصـيـة وتـكـامـلـهـا بـدل تـحـلـيـل الـخـبـرة ثـم تـركـيـبـهـا كـمـا فـعـل الـربـطـيـون. بـالإضـافـة إلـى تـحـول اهـتـمـام بـعـض  عـلـمـاء الـنـفـس إلـى دراسـة الـمـرضـى  بـأمـراض نـفـسـيـة مـن عـصـابـيـيـن  وشـواذ، كـل ذلـك أدّى إلـى زيـادة الاهـتـمـام بـفـكـرة الـلاّشـعـور هـذه. إلـى أن تـأكـد وجـوده عـلـى يـد كـل مــن ( بـرويـر Breur ) الانـجـلـيـزي، و( شـاركـو Charcot  ) الـفـرنـسـي وغـيـرهـمـا مـن الـذيـن لـفـتـوا انـتـبـاه الـطـبـيـب الـنـمـسـاوي ( فـرويـد Freud  ) الـى جـدّيـة  هـذه الـفـكـرة.
 اعـتـمـادًا عـلـى مـا سـبـق، وعـلـى فـكـرة الـسـبـبـيـة افـتـرض ( فـرويـد Freud ) وجـود الـلاشـعـور كـسـبـب تـعـود إلـيـه كـل الـحـوادث الـنـفـسـيـة الـلاشـعـوريـة، فـاذا كـان لـكـل
 حـادثـة نـفـسـيـة أو طـبـيـعـيـة أو بـيـولـوجـيـة سـبـب يـفـسـرهـا، فـان لـلـحـوادث الـنـفـسـيـة.
الـلاشـعـوريـة أسـبـابـهـا الـخـفـيـة، الـتـي تـقـررهـا، وعـلـيـنـا أن نـجـد طـريـقـة لـلـكـشـف عـن
هـذه الأسـبـاب، وهـذه الـطـريـقـة هـي طـريـقـة الـتـحـلـيـل الـنـفـسـي، الـتـي وضـعـهـا فـرويـد نـفـسـه بـعـد أن تـخـلّـى عـن الـتـنـويـم الـمـغـنـاطـيـسـي.

حـجـج فـرويـد فـي إثـبـات الـلاشـعـور :
 تـبـرز أصـالـة فـرويـد وذكـائـه الـمـبـدع فـي كـونـه لـم يـحـاول الـبـرهـنـة عـلـى وجـود الـلاّشـعـور عـقـلـيـا، بـل لـجـأ إلـى الـتـجـربـة لإثـبـات الـلاشـعـور وكـان لـه مـا أراد.
فـالـلاّشـعـور فـي رأي فـرويـد يـكـشـف عـن نـفـسـه بـطـريـقـتـيـن، هـمـا :

أ - طـريـقـة الـمـظـاهـر الـلاشـعـوريـة :
وتـتـمـثـل فـي الـنـسـيـان وفـقـدان الـذاكـرة، فـنـحـن أحـيـانـا نـنـسـى لأنـنـا لانـريـد لاشـعـوريـا تـذكـر حـادث أو شـيـئ مـا، لـمـا يـسـبـبـه لـنـا تـذكـّـره مـن آلام. أو لأنـنـا لانـرغـب فـيـه وتـتـمـثـل ثـانـيـا فـي أخـطـاء الإدراك، فـنـحـن أحـيـانـا نـدرك بـعـض الـوقـائـع لاكـمـا هـي فـي الـواقـع، بـل كـمـا نـرغـب نـحـن أن تـكـون، فـنـكـون فـي مـثـل هـذه الـحـالات عـاكـسـيـن لرغبات مـكـبـوتـة لـديـنـا عـلـى وقـائـع ومـواقـف جـديـدة فـنـراهـا كـمـا لـوأنَّـهـا مـعـروفـة لَـديـنـا.
وتـتـمـثـل ثـالـثـا فـي تـداعـي الأف ـكـار، فـالـلاشـعـور كـثـيـرا مـا يـتـدخـل فـي تـوجـيـه أفـكـارنـا الـمـتـداعـيـة دون قـصـدٍ مـنـا، كـأن أكـون مـشـغـولا مـثـلا بـمـوضـوع مـعـيـن، ويـحـدث أن أسـمـع اسـم شـخـص يـمـاثـل اسـم شـخـص آخـر عـزيـز عـلـّـي أو مـكـروه لـديّ كـرهـا شـديـدا فــيـتـجـه فـكـري دون شـعـور مـنـي إلـى تـذكـر تـجـربـتـي مـع ذلـك الـشـخـص كـيـف الـتـقـيـت بـه ؟ وأيـن ؟ ومـتـي ؟ ومـن كـان مـعـنـا ؟ وكـيـف افـتـرقـنـا ؟...
وتـتـمـثـل أيـضـا فـي الـعـواطـف الـتـي لا نـتـعـرف عـلـيـهـا إلا فـي ظـروف خـاصـة تـدفـعـهـا
لـلـظـهـور فـجـأة، وبـشـكـل حـاد، كـمـن يـحـب شـخـصـا بـصـورة مـفـاجـئـة، وبـمـرور الـزمـن يـكـتـشـف أنـه كـان مـخـطـئـا فـي حـبـه ذاك.
وتـتـمـثـل فـي الأحـلام أيـضـا، فـنـحـن كـثـيـرا مـانـقـوم فـي أحـلامـنـا بـأعـمـال كـنـا فـي يـقـظـتـنـا عــاجـزيـن عــنـهــا بـسـبـب غـفـلـة الـرقـيـب الـمـشـرف عـلـى تـنـظـيـم الـمـرور بـيـن الـشـعـور والـلاّشـعـور.

ب - الـحـيـل الـلاشـعـوريـة :
 يـلـجـأ الـلاشـعـور أحـيـانـا إلـى الـحـيـل لـلـتـعـبـيـر عـن الـرغـبـات الـمـكـبـوتـة ومـن هـذه الـحـيـل نـذكـر :

الـتـبــريـر :
 كـثـيـرا مـا تـبـرّر أفـعـالـنـا بـأسـبـاب مـعـقـولـة فـي حـيـن، أن أسـبـاب تـلـك الأفـعـال الـحـقـيـقـيــة إنـمـا هـي أسـبـاب عـاطـفـيـة مـكـبـوتـة كـمـن يـبـرر سـرقـتـه بـالـجـوع.

الـكـبـت :
 إذا تـعـارضـت رغـبـتـان تـكـبـت إحـداهـمـا لاشـعـوريـا كـمـن يـنـسـى مـوعـده مـع شـخـص يـكـرهـه بـســبـب تـعـارض رغـبـة الـذهـاب إلـى الـمـوعـد مـع رغـبـة لاشـعـوريـة عـن طـريـق الـنـسـيـان لـلـمـوعـد.

الإسـقـاط :
 وهـو حـالة لاشـعـوريـة نـسـقـط فـيـهـا أحـوالـنـا الـنـفـسـيـة عـلـى الـغـيـر، فـالـمـغـرور يـكـثـر مـن اتـهـامـه لـلـغـيـر بـالـغـرور، وكـذلـك الـكـذاب ....

الـتـقـمـص :
 وهـو حـالـة لاشـعـوريـة نـتـقـمـص فـيـهـا صـفـات أشـخـاص نـعـجـب بـهـم كـتـقـمـص الأطـفـال الـذيـن يـلـعـبـون الـكـرة فـي الـشـارع لـشـخـصـيـات أبـطـال عـالـمـيـيـن فـي كـرة الـقـدم.

التعليقات

';


جميع الحقوق محفوظة © لموقع التعليم الجزائري للأستاذة عقيلة طايبي ☑️ www.ecoledz.net